وقد ناقش فيه بعض المحققين (قدس سره) أن التهيؤ والإعداد الموصل إلى الغرض الأقصى أيضا خارج عن قدرة المكلف، وأما الاعداد والتهيؤ الأعم من الموصل وغير الموصل فحاله حال الفعل من حيث إنه ليس المطلوب الحقيقي ولا النفسي ولا الغيري بناء على ما هو الصحيح من اختصاص الوجوب والشوق الغيريين بالمقدمة الموصلة، وإنما هو المطلوب بالمسامحة، ومن الواضح أنه لا فرق في إعمال المسامحة بين أن يطلب الإعداد أو ذات الفعل هذا.
ولكن هذه المناقشة غير سديدة، وذلك لأن أمر المولى بشئ لا يمكن أن يكون جزافا وبدون نكتة مبررة له وتلك النكتة هي المصلحة المترتبة عليه ، فإنها تدعو المولى إلى الأمر به وإيجابه، ومن الطبيعي أن هذه المصلحة هي مصلحة الاعداد والتهيؤ للوصول إلى المصلحة الأقصى، فإن الواجبات الشرعية العملية كالصلاة والصيام والحج ونحوها تجعل النفس مستعدة للوصول إلى الغاية القصوى وهي الإيمان الكامل، حيث لا شبهة في أن العلاقة الإيمانية في النفس تنمو وتترسخ فيها بالاستمرار على تلك الواجبات والتداوم عليها وبالإجتناب عن المحرمات، والخلاصة أن التهيؤ والإعداد هو المطلوب من هذه الواجبات الشرعية وهو الداعي إلى إيجابها من قبل المولى، غاية الأمر إن كان موصلا إلى الغرض الأقصى فهو نور على نور، وإلا فالغرض الأولي قد حصل منها، ضرورة أن إعداد النفس للوصول إلى درجة عالية من الإيمان بنفسه مطلوب باعتبار أنه مرتبة بدائية من الإيمان، وهذا لا ينافي كونه مقدمة لمطلوب أقصى إذ لا يمكن القول بأن الإعداد والتهيؤ ليس مطلوبا حقيقيا لا نفسيا ولا غيريا إذا لم يكن موصلا إلى الغرض الأقصى، إذ لازم ذلك أن يكون