ومن هنا يظهر أن ما أفاده السيد الأستاذ (قدس سره) (1) من أن الشرط الذي هو جزء العلة التامة من الشرط المتقدم غير تام، لما عرفت من أنه ليس من الشرط المتقدم لا بالنسبة إلى أثره الخاص وهو إعطاء صفة الفاعلية للمقتضي ولا بالنسبة إلى أثر العلة التامة، وهذا هو مراد صاحب الكفاية (قدس سره) من الشرط المتقدم كما يظهر ذلك من الأمثلة التي ذكرها (قدس سره) في هذا الباب. إلى هنا قد استطعنا أن نخرج بهذه النتيجة وهي أن العلة التامة مركبة من أجزاء ثلاثة: المقتضي، ووجود الشرط، وعدم المانع، فإذا توفرت هذه الأجزاء الثلاثة جميعا تحققت العلة التامة وأثرت أثرها، ومن الطبيعي أن العلة التامة بتمام أجزائها معاصرة لمعلولها وأثرها الذي يتولد منها، مثلا ذات النار مقتضي للإحراق والمماسة بينها وبين الحطب شرط لفاعلية النار ورطوبة الحطب مانعة عن فاعليتها وتأثيرها، فإذا كان المقتضي مع الشرط موجودا ولكن هناك مانع يمنع عن تأثيره وفاعليته فلا أثر له، وأما إذا انتفى المانع كما إذا كان الحطب المماس للنار يابسا، فيكون مؤثرة في الإحراق بنحو العلة التامة لتوفر جميع أركانها وأجزائها ولا حالة منتظرة في البين، فالشرط الذي يعطي صفة الفاعلية للمقتضي، فلابد أن يكون باقيا إلى أن تتم العلة بكافة أجزائها، ضرورة أن الشرط لو لم يبق لم تبق صفة الفاعلية للمقتضي أيضا، لأنها أثر الشرط ومعلولة له، فكيف يعقل بقاؤها مع انتفاء الشرط، هذا كله في التكوينيات.
وأما في التشريعيات فالمعروف والمشهور بين الأصحاب أنها لا تقاس بالتكوينيات، باعتبار أنها أمور اعتبارية وأمرها وضعا ورفعا وإطلاقا وتقييدا بيد الشارع، فإن له أن يجعل الحكم لشئ وله أن لا يجعل، كما أنه إذا جعل