يمكن، إلا أن ذلك إنما هو بالنسبة إلى مدلولها المطابقي وهو النسبة الطلبية المولوية دون مدلولها الالتزامي وهو الوجوب الذي هو معنى اسمي، وذلك لما ذكرناه في محله من أن صيغة الأمر تدل بالدلالة الوضعية على النسبة الطلبية المولوية بالمطابقة وعلى الوجوب بالالتزام، على أساس أنه من لوازم النسبة المذكورة، وحينئذ وإن قلنا أن النسبة غير قابلة للتقييد، إلا أن لازمها وهو الوجوب قابل له، باعتبار أنه معنى اسمي، بل تقييد مفاد الهيئة لا محالة يرجع إلى تقييد الوجوب.
وثالثا مع الاغماض عن ذلك أيضا، إلا أن لازم هذا عدم إمكان تقييد مفاد الهيئة بالتقييد الإفرادي، على أساس أنه لا إطلاق له أفرادا، وأما تقييده بالتقييد الأحوالي فلا مانع منه، باعتبار أن له اطلاقا أحواليا كما في قولنا إن جاءك زيد فأكرمه، أو إن كان عالما فاسأل منه، فإنه في المثال الأول قد قيد وجوب الإكرام بحالة المجيئ وفي الثاني بحالة العلم.
فالنتيجة أن ما أفاده شيخنا الأنصاري (قدس سره) من استحالة رجوع القيد إلى مفاد الهيئة لا يمكن المساعدة عليه.
الوجه الثاني: ما ذكره المحقق النائيني (قدس سره) من أن المعنى الحرفي وإن كان كليا في نفسه، إلا أنه حيث كان ملحوظا باللحاظ الآلي، فلا يرد عليه الاطلاق والتقييد، لأنهما إنما يردان على المعنى الملحوظ باللحاظ الاستقلالي، والنكتة في ذلك أن مصب الاطلاق والتقييد اللحاظيين لابد أن يكون مورد توجه المتكلم ولحاظه مستقلا حتى يحكم عليه بالاطلاق أو التقييد، وأما إذا لم يكن المعنى موردا لتوجهه ولحاظه كذلك، فلا يكون بإمكانه الحكم بأنه مطلق أو مقيد، وحيث إن مفاد الهيئة معنى حرفي وملحوظ آلة وفانيا في معنى آخر، فلا يصلح