في ظرفه، فإذا علم المكلف أن حفظ نفسه بعد شهر مثلا يتوقف على توفير مقدمات والاتيان بها من الآن، استقل العقل بلزوم توفيرها والاتيان بها قبل شهر لكي لا يفوت الواجب بعده، وكذلك إذا علم أن حفظ الإسلام في المستقبل يتوقف على الاتيان بمقدمات من الآن، حكم العقل بوجوب الاتيان بها لكي لا يفوت الواجب في ظرفه وهكذا.
وأما القسم الثاني فهو مختص بالواجبات التي قد أخذ القدرة المطلقة في لسان أدلة جعلها في الشريعة المقدسة، فلذلك يختلف هذا القسم عن القسم الأول ثبوتا وإثباتا، أما ثبوتا فلأن القدرة في هذا القسم دخيلة في الملاك في مرحلة المبادئ بينما القدرة في القسم الأول غير دخيلة فيه، وأما إثباتا فلأن القدرة في هذا القسم مأخوذة في لسان الدليل بينما القدرة في القسم الأول غير مأخوذ في لسان الدليل، ولكن كون المأخوذ فيه القدرة المطلقة بحاجة إلى دليل، وبذلك يظهر حال القسم الثالث أيضا، هذا تمام كلامنا حول المقدمة وبعد ذلك يقع الكلام في المسائل:
الأولى: في حكم المقدمات المفوتة في باب الحج.
الثانية: في حكم المقدمات المفوتة في باب الصوم.
الثالثة: في حكم المقدمات المفوتة في باب الصلاة ونحوها.
أما الكلام في المسألة الأولى فيمكن إثبات وجوب المقدمات المفوتة في باب الحج بأحد أمور:
الأول: أن آية الاستطاعة بضميمة سائر الأدلة الدالة على أن حجة التمتع من حجة الإسلام مجعولة على النائي، تستبطن أن ملاكه تام في مرحلة المبادئ في وقته من قبل مقدماته المفوتة بعد الاستطاعة وإن قلنا باستحالة الواجب المعلق والمشروط بالشرط المتأخر، إذ لا يمكن أن تكون القدرة