منحل حكما كما هو الحال في مسألة الأقل والأكثر الارتباطيين، ولكن ملاك الانحلال الحكمي في هذه المسألة غير ملاك الانحلال الحكمي هناك، بيان ذلك أما في مسألة الأقل والأكثر فقد ذكرنا فيها أن العلم الاجمالي قد تعلق بالماهية المرددة بين لا بشرط وبشرط لا. وهذا العلم الاجمالي غير قابل للانحلال حقيقة من هذه الناحية، حيث إن تعلقه بالماهية المذكورة مقوم له فكيف يعقل أن يكون موجبا لانحلاله، ولكن حيث إن الأصل لا يجري في أحد طرفي هذا العلم الاجمالي وهو الاطلاق فلا مانع من جريانه في طرفه الآخر وهو التقييد ومعه لا أثر له، وهذا هو معنى انحلاله هناك حكما، ومرد هذا الانحلال هنا إلى التفكيك بين أجزاء الواجب الواحد في التنجيز بعدم امكان التفكيك بينها في مرحلتي الثبوت والسقوط.
وأما في هذه المسألة فحيث إن المكلف يعلم بوجوب الوضوء تفصيلا وإن لم يعلم أنه لنفسه أو لغيره، فلا يمكن له الرجوع إلى البراءة عنه لعلمه باستحقاق العقاب على تركه على كل تقدير، وأما وجوب الزيارة فبما أنه لا يعلم به فلا مانع من الرجوع إلى أصالة البراءة عنه عقلا وشرعا لعدم قيام بيان على وجوبها، ومعه لا محالة يكون العقاب على تركها عقابا بلا بيان، والمفروض أنه لا معارض لها في المسألة، لأن أصالة البراءة عن وجوب الوضوء لا تجري في نفسها لكي تصلح أن تكون معارضة لها (1).
تحصل مما ذكرناه أن العلم الاجمالي في المقام بوجوب نفسي مردد بين تعلقه بالوضوء أو الزيارة في المثال وإن لم ينحل حقيقة إلا أنه ينحل حكما من ناحية عدم جريان الأصل المؤمن في أحد طرفيه، فإذن لا مانع من