قصد التوصل والتقرب ونحوهما غير دخيلة في هذا الملاك، فإذن متعلق الوجوب الغيري ما هو مقدمة بالحمل الشائع بدون أخذ خصوصية أخرى فيه، ومن هنا لو تحقق المقدمة في الخارج ولو بدون شعور والتفات سقط الوجوب الغيري لأن الغرض منه تحقق المقدمة والمفروض أنها تحققت، ولا يتوقف الواجب النفسي على أن يكون تحققها بقصد التوصل أو بقصد القربة، وعليه فالوجوب الغيري وجوب توصلي بل لا يمكن أن يكون تعبديا.
الرابع: إن امتثال الوجوب الغيري في مقابل امتثال الوجوب النفسي لا يوجب استحقاق المثوبة، لوضوح أن الوجوب الغيري بما هو لا يصلح أن يكون داعيا ومقربا بنفسه وبقطع النظر عن داعوية الوجوب النفسي ومقربيته، وعلى هذا الأساس فإن كان تحرك المكلف نحو الاتيان بالواجب الغيري تبعا لتحركه نحو الاتيان بالواجب النفسي وبداعي الاتيان به كان ذلك شروعا في امتثال الواجب النفسي باعتبار أنه تحرك بروحية الطاعة والانقياد للمولى وإلا لم يكن شروعا في امتثاله.
فالنتيجة أن المكلف إن أتى بالواجب النفسي بما له من المقدمات استحق الثواب عليه، وإلا فلا وإن كان آتيا بمقدماته.
ثم إن للسيد الأستاذ (قدس سره) في المقام كلاما وحاصله أن المكلف إذا أتى بالواجب الغيري بقصد الامتثال والتوصل استحق الثواب، بتقريب أن ملاك الاستحقاق هو كون العبد بصدد الإطاعة والانقياد والعمل بوظيفة العبودية والرقية لكي يكون أهلا لذلك، ومن المعلوم أنه باتيانه المقدمة بداعي التوصل والامتثال قد أصبح أهلا له، بل الأمر كذلك ولو لم نقل بوجوبها، ضرورة أن الاتيان بها بهذا الداعي مصداق لإظهار العبودية والإخلاص والانقياد والإطاعة، نعم لو أتى بها بدون قصد التوصل والامتثال فقد فاته الثواب.