محبوبة كانت قابلة للتقرب بها.
وأما العنصر الثاني فقد ثبت أن صحة الاتيان بالطهارات الثلاث منوطة بقصد القربة وهو يتحقق بأحد أمور:
الأول: الاتيان بها بداعي أمرها الاستحبابي.
الثاني: الاتيان بها بداعي كونها محبوبة عنده تعالى.
الثالث: الاتيان بها بقصد التوصل إلى الصلاة أو نحوها، والجامع الاتيان بها مضافا إلى المولى سبحانه وتعالى، ولا فرق في ذلك بين القول بوجوب المقدمة والقول بعدم وجوبها، لأن الوجوب الغيري لا يكون مقربا كما مر.
تحصل من ذلك أن عبادية الطهارات الثلاث من جهة محبوبيتها في نفسها، ثم إنه لا فرق في صحة الاتيان بالطهارات الثلاث بين أن يكون قبل الوقت أو بعده، باعتبار أن محبوبيتها لا تكون مقيدة بما بعد الوقت، وعلى هذا فما هو دخيل في صحتها لا يكون منوطا بما بعد الوقت، وما هو منوط به غير دخيل في صحتها وهو وجوبها الغيري على تقدير القول به.
إلى هنا قد وصلنا إلى النتائج التالية:
الأولى: أن الواجب النفسي على المشهور ما وجب لنفسه لا لواجب آخر، والواجب الغيري ما وجب لأجل واجب آخر، وقد أورد عليه بأن هذا التعريف لا ينطبق على جل الواجبات في الشريعة المقدسة لأنها واجبة لأجل الغير وهو المصالح والملاكات المترتبة عليها لا لنفسها، بل على ضوء هذا التعريف ينحصر الواجب النفسي بمعرفة الله تعالى فقط، وأما غيرها جميعا من الواجبات العملية كالصلاة والصيام ونحوهما والواجبات العقائدية كمعرفة الرسول (صلى الله عليه وآله) والإمام (عليه السلام) ونحوهما واجبات غيرية، وقد دافع عن ذلك المحقق الأصفهاني والمحقق النائيني والسيد الأستاذ (قدس سرهم) ولكن دفاعهم غير تام.