النظرية الثالثة وهي نظرية المحقق الثاني (قدس سره) فهو يتمثل في أمرين:
الأول: أن هذه المسألة غير داخلة في باب التزاحم لأن التزاحم إنما هو بين واجبين مضيقين في مقام الامتثال ومنشأه عدم قدرة المكلف على امتثال كليهما معا في هذا المقام لأن للمكلف قدرة واحدة فإن صرفها في امتثال أحدها عجز عن امتثال الآخر وإن عكس فبالعكس فلذلك تقع المزاحمة بينهما فلابد حينئذ من الرجوع إلى مرجحات بابها وأما في هذه المسألة فلا مزاحمة بين وجوب الصلاة ووجوب الإزالة لأن المكلف متمكن من امتثال كلا الواجبين معا بدون أي مزاحمة بينهما فإذن كما أنه لا معارضة بين الواجبين في مرحلة الجعل كذلك لا مزاحمة بينهما في مرحلة الامتثال ودعوى أن المزاحمة بين كل واحد من الواجبين مع الواجب الآخر وإن لم تكن موجودة إلا أنها موجودة بين الواجب المضيق وفرد من الواجب الموسع وهو الفرد في زمان الواجب المضيق لعدم تمكن المكلف من الجمع بينهما في مرحلة الامتثال مدفوعة بأن الفرد ليس بواجب وإنما هو فرد الواجب لأن الوجوب لا يسري من الطبيعي إلى افراده باعتبار أن متعلقه صرف إيجاده فإذا لم يكن واجبا فلا معنى لأن يكون مزاحما للواجب المضيق لأن التزاحم إنما هو بين واجبين وأما إذا كان أحدهما واجبا والآخر غير واجب فلا موضوع للتزاحم بينهما فالنتيجة أن ما هو واجب فلا تزاحم بينه وبين الواجب المضيق وما هو مزاحم له فلا يكون واجبا.
الثاني: أن ما ذكره (قدس سره) من ظهور الثمرة بين القول بالاقتضاء في المسألة والقول بعدم الاقتضاء فيها فعلى الأول يكون الفرد المزاحم محكوما بالفساد لعدم انطباق الطبيعي المأمور به عليه وعلى الثاني يكون محكوما بالصحة لمكان الانطباق فلا يمكن المساعدة عليه وذلك لأن ظهور هذه الثمرة يتوقف على مقدمتين: