فالنتيجة أن هذا القول أيضا لا يرجع إلى معنى محصل.
وأما القول الثالث: فالمعروف والمشهور بين الأصحاب أن الأمر بشئ يدل بالالتزام على النهي عن ضده العام ولا خلاف في ذلك وإنما الخلاف بينهم في أن هذه الملازمة هل هي بنحو اللزوم البين بالمعنى الأخص أو البين بالمعنى الأعم، فذهب المحقق النائيني (قدس سره) إلى الوجه الأول بدعوى أنه يكفي في تصور المنع من الترك تصور وجوب شئ بلا حاجة إلى عناية زائدة ثم قال وعلى تقدير التنزل عن ذلك فلا شبهة في الوجه الثاني وهو اللزوم البين بالمعنى الأعم هذا.
والتحقيق في المقام أن يقال أن البحث عن وجود الملازمة في المسألة يقع في موردين:
الأول: في مرحلة المبادئ والملاكات.
الثاني: في مرحلة الجعل والاعتبار.
أما الكلام في المورد الأول فالظاهر أن الملازمة بين إرادة شئ بالأصالة وكراهة تركه بالتبع بنحو اللزوم البين بالمعنى الأخص غير موجودة إذ كثير ما أراد شخص فعل شئ غافلا عن تركه مع أن الملازمة لو كانت بينهما بنحو اللزوم البين بالمعنى الأخص فمجرد تصور الملزوم يستلزم تصور اللازم قهرا بدون منبه آخر لاستحالة الانفكاك بينهما مع أن الأمر ليس كذلك وأما الملازمة بينهما بنحو اللزوم البين بالمعنى الأعم فالظاهر أنها ثابتة وجدانا لا برهانا إذ ليس بإمكاننا إقامة برهان على ذلك وإيماننا بها إنما هو بشهادة الوجدان ولهذا لا يمكن الزام الخصم بها فالنتيجة أن الملازمة بينهما بنحو اللزوم البين بالمعنى الأخص غير موجودة وأما بنحو اللزوم البين بالمعنى الأعم فهي موجودة وكذلك الحال بين حب شئ بالأصالة وبغض تركه بالتبع