وأما مقدمة الحرام فقد ذكر المحقق النائيني (قدس سره) أنها على ثلاثة أقسام:
الأول: ما لا يتوسط بين المقدمة وذيها إرادة الفاعل واختياره بمعنى أن المقدمة علة تامة لارتكاب الحرام وفي هذا القسم حكم (قدس سره) بحرمة المقدمة حرمة نفسية بتقريب أن النهي المتعلق بذي المقدمة فهو متعلق في الحقيقة بالمقدمة باعتبار أنها مقدورة.
الثاني: ما يتوسط بين المقدمة وذيها إرادة المكلف واختياره وكان المكلف يقصد باتيانها التوصل إلى الحرام.
وفي هذا القسم أيضا حكم (قدس سره) بالحرمة مترددا بين كونها نفسية أو غيرية فإنها إن كانت من باب التجري فهي حرمة نفسية وإن كانت من باب السراية فهي غيرية.
الثالث: هذا الفرض ولكن المكلف لم يأت بالمقدمة بقصد التوصل إلى الحرام والمفروض أنه قادر على ترك الحرام بعد الاتيان بها أيضا وفي هذا القسم حكم (قدس سره) بعدم حرمتها (1).
وقد أورد على ذلك السيد الأستاذ (قدس سره) بتقريب أنه لا يمكن الحكم بحرمة المقدمة في هذين القسمين وإن قلنا بوجوب المقدمة هناك لأن حكم العقل بالملازمة بين وجوب شئ ووجوب مقدمته إنما هو بملاك أن الاتيان بالواجب لا يمكن بدون الاتيان بمقدماته وهذا الملاك غير متوفر فيهما لأن ترك الحرام في مثلهما لا يتوقف على ترك مقدمته إذ بامكان المكلف أن يترك الحرام فيه مع الاتيان بمقدماته فإذن لا وجه للالتزام بحرمة المقدمة فيهما وأما القسم الأول فحرمة المقدمة فيه مبنية على القول بوجوب مقدمة الواجب فإن