لتركه فبما أن ملاكها هو المصلحة القائمة بالفعل فلا يوجب تأكيده وحينئذ فيكون وجودها وعدمها من هذه الناحية على حد سواء هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى أن حرمة الترك حيث إنها حرمة غيرية فلا تكون موردا لاستحقاق العقوبة على مخالفتها والمثوبة على موافقتها لكي يكون ذلك داعيا إلى جعلها.
فالنتيجة أن الملازمة بين وجوب شئ وحرمة تركه البديل له مستحيلة وقوعا وإن كانت ممكنة ثبوتا فإذن لا تصل النوبة إلى مقام الاثبات في المسألة والبحث فيها عن أن الأمر بشئ هل يدل على النهي عن ضده العام أولا فإنه فرع إمكانه ذاتا ووقوعا.
إلى هنا قد تبين أنه لا ملازمة بين الأمر بشئ والنهي عن ضده العام لا مطابقة ولا تضمنا ولا التزاما.
وأما الكلام في المقام الثاني وهو أن الأمر بشئ هل يقتضي النهي عن ضده الخاص فيه قولان فذهب جماعة من الأصوليين إلى القول الأول وقد استدلوا عليه بوجهين:
الوجه الأول: يتوقف على تمامية مقدمات:
الأولى: أن ترك أحد الضدين مقدمة للآخر.
الثانية: أن مقدمة الواجب واجبة وحيث إن ترك الضد الواجب كالصلاة مقدمة للضد الواجب الآخر كالإزالة فيكون واجبا.
الثالثة: أن وجوب ترك الضد الخاص العبادي كالصلاة مثلا يستلزم حرمة نقيضه وهو إيجاد الضد فإذا تمت تلك المقدمات جميعا فقد تم هذا الوجه فيثبت به القول بالاقتضاء هو الأمر بشئ يستلزم النهي عن ضده الخاص.
فإذن يقع الكلام في تمامية هذه المقدمات ومدى صحتها.