من أن الدلالة الالتزامية تابعة للدلالة المطابقية حدوثا فقط لا حجة وقد أفاد (قدس سره) في وجه ذلك أن هنا فردين من الدلالة:
الأول: الدلالة المطابقية وهي دلالة الدليل على المدلول المطابقي وهو المدلول الوصفي له.
الثاني: الدلالة الالتزامية وهي دلالة الدليل على المدلول الالتزامي وكلا الفردين من الدلالة مشمول لدليل الحجية.
وإن شئت قلت: أن هنا ظهورين:
الأول: ظهور الدليل في المدلول المطابقي.
الثاني: ظهوره في المدلول الالتزامي.
وكل من الظهورين يكون حجة بمقتضى دليل حجية الظهور والظهور الثاني وإن كان تابعا للظهور الأول حدوثا إلا أنه مستقل في الحجية وليس تابعا له لأن شمول دليل الحجية للظهور.
الثاني: ليس تابعا لشموله للظهور الأول لأن كلا منهما موضوع مستقل للحجية فلو سقط دليل الحجية عن الظهور الأول وهو الظهور المطابقي من جهة المعارض أو نحوه فلا موجب لسقوطه عن الظهور الثاني وهو الظهور في المدلول الالتزامي وإن شئت قلت أن عدم شمول إطلاق دليل الحجية لظهور اللفظ في المدلول المطابقي لسبب أو آخر وسقوطه بالنسبة إليه لا يلازم عدم شمول إطلاقه لظهوره في المدلول الالتزامي وسقوطه بالنسبة إليه أيضا لأنهما ظهوران مستقلان كل منهما موضوع لاطلاق دليل الحجية ولا ترتبط حجية الثاني بحجية الأول فإذن الساقط إنما هو إطلاق دليل الحجية لا أصل ظهور الأمر في المدلول المطابقي لكي يستلزم سقوط ظهوره في المدلول الالتزامي أيضا باعتبار أنه تابع له حدوثا في مرحلة التصور والتصديق معا وإنما لا يكون تابعا له في مرحلة الحجية وحيث إن الساقط في المقام هو حجية ظهوره