أدلة وجوب التعلم فيها، لأنه من التمسك بالعام في الشبهات المصداقية، وعندئذ فإن كانت الشبهة حكمية بأن يكون الشك في الكبرى مع تحقق الصغرى، وجب الاحتياط فيها أو الفحص وتحصيل الحجة على عدم ثبوت الكبرى، وإن كانت الشبهة موضوعية، وحينئذ فإن كان الشك في تحقق الصغرى فعلا مع العلم بثبوت الكبرى شرعا، فلا مانع من الرجوع إلى الأصول المؤمنة فيه كاستصحاب عدم تحقق الصغرى، وبذلك ينفي وجوب التعلم، وإن كان الشك في تحقق الصغرى في المستقبل، كما إذا احتمل أنه سوف يستطيع للحج، ففي مثل ذلك حيث قد تقدم الاشكال في جريان استصحاب عدم تحقق الصغرى فيه، فيكون المرجع قاعدة قبح العقاب بلا بيان باعتبار أنه لم يقم بيان على وجوب التعلم في المقام.
وأما الكلام في المقام الخامس، وهو أن وجوب التعلم هل هو نفسي أو غيري أو لا هذا ولا ذاك بل هو إرشادي أو طريقي، ففيه وجوه:
الوجه الأول: ما نسب إلى المحقق الأردبيلي (قدس سره) وهو أن وجوب التعلم نفسي (1)، بل ربما نسب هذا القول إلى شيخنا الأنصاري (قدس سره) أيضا بقرينة قوله في رسالته العملية أن تارك التعلم فاسق (2)، ولكن في دلالة تلك الجملة على هذا القول تأمل، وكيف كان فقد ادعى المحقق الأردبيلي (قدس سره) أنه نفسي تهيئ، أما أنه نفسي فلأنه مجعول من أجل ما فيه من الملاك لا من أجل ما في واجب آخر كما هو الحال في الوجوب الغيري، وأما أنه تهيئ فمن أجل أنه يحافظ على ملاكات الأحكام الواقعية، وعليه فتكون فيه جهتان: