يمكن تطبيق هذا التعريف على شئ من الواجبات الشرعية التي هي واجبة لأجل مصالحها وملاكاتها اللزومية المترتبة عليها، بل لا مصداق له إلا معرفة الباري عز وجل، فإذن الجمع بين تعريف المشهور وبين كون هذه الواجبات واجبات نفسية لا يمكن، ومن هنا لابد من التصرف في هذا التعريف، ولا مبرر للحفاظ على ظاهره وإلا فلازمه كون جميع تلك الواجبات واجبات غيرية وهو كما ترى، وعلى هذا فالصحيح في تعريف الواجب النفسي والواجب الغيري أن يقال أن الواجب النفسي هو ما وجب لأجل مصلحة لزومية قائمة بنفسه ومترتبة على وجوده في الخارج، والواجب الغيري هو ما وجب لأجل مصلحة لزومية قائمة بغيره كالطهارة من الحدث والطهارة من الخبث وهكذا، وعلى هذا فلا إشكال في المسألة، فإن الصلاة والصيام والحج ونحوها من الواجبات، نفسية باعتبار أن وجوبها ناشئ من المصلحة اللزومية في نفسها، وأما الوضوء والغسل وتطهير البدن والثياب ونحوها من الواجبات، غيرية باعتبار أن وجوبها ناشئ من المصلحة اللزومية في غيرها لا في نفسها، فإذن كل واجب كان وجوبه ناشئا من مصلحة لزومية في نفس متعلقه فهو واجب نفسي وكل واجب كان وجوبه ناشئا من مصلحة لزومية في غيره فهو واجب غيري.
هذا تمام الكلام في الجهة الأولى وهي الفرق بين الواجب النفسي والواجب الغيري.
وأما الكلام في الجهة الثانية وهي ما إذا شك في واجب أنه نفسي أو غيري، فيقع تارة في الأصل اللفظي وأخرى في الأصل العملي، أما على الأول فإذا شك في واجب أنه نفسي أو غيري فمرجعه إلى الشك في أن وجوبه مطلق أو مشروط بوجوب واجب آخر، ففي مثل ذلك يكون مقتضى الأصل اللفظي من عموم أو إطلاق عدم الاشتراط، فإن الاشتراط بحاجة إلى مؤنة زائدة