طالما يكون المكلف متمكنا من امتثاله ولكن مع ذلك لا يستلزم طلب الجمع بين الضدين فإذا توفر هذين الأمرين خرج باب التزاحم عن باب التعارض وإلا فلا.
والخلاصة أنه على القول باستحالة الترتب كما ذهب إليه جماعة منهم المحقق الخراساني (قدس سره) يدخل باب التزاحم في باب التعارض ولا يمكن جعل الوجوب لكل منهما مشروطا بعصيان الآخر وعدم الاشتغال به لاستحالة فعليته ومن الواضح أن كل حكم إذا استحال فعليته استحال جعله لأنه لغو (1)، إلى هنا قد وصلنا إلى هذه النتيجة وهي أن عدم رجوع باب التزاحم إلى باب التعارض منوط بتمامية الأمرين المذكورين وقد مر أنهما تامان وعلى ضوء ذلك فلا مانع من جعل حكمين مشروطين للضدين يكون كل منهما مشروطا بعدم امتثال الآخر إذا كانا متساويين وأما إذا كان أحدهما أهم من الآخر فيكون وجوب المهم مشروطا بعدم الاشتغال بالأهم دون العكس.
الرابعة: أن القدرة المعتبرة في صحة التكليف بحكم العقل إنما هي القدرة في مرحلة الامتثال بمعنى أن الأحكام المجعولة من قبل الشارع مجعولة في الواقع على القادر في هذه المرحلة لأن العقل لا يحكم بأكثر من ذلك ومن هنا لا تكون القدرة من شروط الحكم في مرحلة الجعل بمعنى أنها غير مأخوذة في موضوعه في هذه المرحلة ولا من شروط الاتصاف في مرحلة المبادئ وإنما هي من شروط فعلية الحكم على أساس أنه يستحيل فعليته على العاجز ولهذا لا مانع من جعل التكليف على المكلف إذا كان قادرا على امتثاله في ظرفه وإن كان عاجزا حين الجعل وبذلك تفترق القدرة المعتبرة بحكم العقل عن القيود المأخوذة في موضوع الحكم شرعا في مرحلة الجعل فإن تلك القيود