الأحكام الشرعية مورد ابتلائها لا مطلقا، إذ لا مبرر لوجوب تعلم ما لا يكون مورد الابتلاء أصلا.
وعلى هذا فموضوع هذه الأدلة مقيد في الواقع بخصوص الأحكام التي تكون مورد الابتلاء، وحينئذ فإذا شك في حكم أنه مورد الابتلاء أو لا فلا يمكن التمسك باطلاقها، لأن الشبهة موضوعية. فلا يمكن التمسك به فيها، وقد ذكرنا في الأصول أنه لا فرق في عدم جواز التمسك بالعام في الشبهات الموضوعية بين أن يكون الدليل المخصص لفظيا أو لبيا، كما أنه لا فرق في ذلك بين العام الوضعي والمطلق الثابت إطلاقه بمقدمات الحكمة، وتمام الكلام هناك، هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى هل يمكن التمسك بالأصول العملية النافية في موارد الشك في الابتلاء بعد ما لا يمكن التمسك بالأصول اللفظية والجواب إن هنا صورا:
الأولى: ما إذا كانت كبرى التكليف واصلة إلى المكلف ولكنه يشك في تحقق صغرى لها، كما إذا علم بوجوب الدعاء مثلا عند رؤية الهلال ولكنه يشك في تحقق الرؤية.
الثانية: عكس هذه الصورة، بأن يعلم بتحقق الصغرى ولكنه يشك في تحقق الكبرى، كما إذا رأى الهلال ولكنه يشك في وجوب قراءة الدعاء.
الثالثة: أن الكبرى واصلة إلى المكلف، كما إذا علم بوجوب الحج على المستطيع ولكنه يشك في أنه هل يستطيع في المستقبل.
أما الصورة الأولى فلا شبهة في أن المرجع فيها الأصول المؤمنة النافية كاستصحاب عدم تحقق الصغرى، فإذا شك في رؤية الهلال وتحققها فمقتضى الاستصحاب عدم تحققها ويترتب عليه عدم وجوب تعلم قراءة الدعاء وهذا لا