ذاتهما، فإذا فرضنا أن صوم المستحاضة في اليوم الخميس مثلا مشروط بغسلها في ليلة الجمعة، فمعناه أن الواجب حصة خاصة من الصوم وهي الصوم المقيد بالغسل في الليل والملاك قائم به ومترتب عليه في الخارج، والمفروض أن الحصة لا تتحقق إلا بتحقق الغسل في الليل، بلحاظ أن جزئه وهو التقيد لا يتحقق إلا بتحققه، وعلى هذا فلا موضوع للشرط المتأخر في شروط المأمور به إلا صورة لا لبا وواقعا.
وأما النقطة الثالثة، فيرد عليها أن إضافة المأمور به إلى قيد ما ليست شرطا له، بل هي جزئه كسائر أجزائه، فما ذكره (قدس سره) من أنها شرط للمأمور به غير دقيق، إلى هنا قد تبين أن ما أفاده المحقق صاحب الكفاية (قدس سره) من الجواب غير تام هذا، وقد أجاب عن الإشكال بعض المحققين (قدس سرهم) ببيان آخر وهو أن الإشكال في المقام نشأ من إفتراض أن المأمور به هو المقتضي للمصلحة المطلوبة كصحة المزاج مثلا في مثال المريض، وأن الأمر المتأخر هو الشرط في تحقق تلك المصلحة، فيقال لو فرض تحقق المصلحة حين المقتضي وهو وجود المأمور به لزم تأثير المتأخر في المتقدم، ولو فرض تحققها حين الشرط لزم تأثير المقتضي بعد انقضائه وكلاهما محال ولكن هناك فرض آخر ينحل به الإشكال، وهذا الفرض عبارة عن أن المقتضي للمصلحة المطلوبة ليس مقتضيا لها بالمباشرة، بل إنه يوجد أثرا معينا ويكون ذلك الأثر هو الحلقة المفقودة بين المقتضي وهو المأمور به والمصلحة المطلوبة، وهذا الأثر يبقى إلى زمان تحقق الشرط المتأخر، فإذا بقي إلى ذلك الزمان فبمجموعهما تكتمل أجزاء علة التامة للمصلحة المتوخاة فتحصل المصلحة، فشرب الدواء مثلا يولد حرارة معينة في الجسم وتلك الحرارة تبقى إلى زمان المشي أو الامتناع عن الطعام مثلا فتؤثر في صحة المزاج المطلوبة، و هذا شئ مطرد في كل المقتضيات التي يظهر أثرها بعد انضمام شرط متأخر