المطلق والوجوب المقيد، وهذا العلم الاجمالي غير قابل للانحلال حقيقة، ولكن من الواضح أن الوجوب بهذا الوصف الذي هو بمفاد كان الناقصة غير مجعول في الشريعة المقدسة كما عرفت. ولهذا لا يدخل في العهدة، فإن الداخل فيها هو الوجوب بمفاد كان التامة ولا وجود له إلا في عالم الذهن فحسب، وتمام الكلام في ذلك يأتي في محله وهو مبحث الأقل والأكثر الارتباطيين إن شاء الله تعالى.
وأما الفرض الثالث وهو ما إذا علم المكلف بوجوب فعلين في الخارج وشك في أن وجود أحدهما مقيد بوجود الآخر مع علمه بتماثل وجوديهما من حيث الاطلاق والاشتراط من سائر الجهات كوجوب الوضوء والصلاة مثلا، ففي مثله قد أفاد المحقق النائيني (قدس سره) أن الشك حيث إنه متمحض في تقييد ما علم كونه واجبا نفسيا كالصلاة بالواجب الآخر وهو الوضوء في مفروض المثال، فلا مانع من الرجوع إلى أصالة البراءة عن ذلك التقييد، وذلك لفرض أن وجوب الصلاة معلوم وكذا وجوب الوضوء والشك إنما هو في خصوص تقييد الصلاة بالوضوء، ومن الطبيعي أن مقتضى أصالة البراءة عدمه هذا (1).
وقد أورد عليه السيد الأستاذ (قدس سره) بتقريب أن أصالة البراءة عن تقييد الصلاة بالوضوء في المثال معارضة بأصالة البراءة عن وجوب الوضوء نفسيا، وذلك لأن العلم التفصيلي بوجوبه الجامع بين النفسي والغيري لا أثر له ولا يمنع عن جريان أصالة البراءة عن وجوبه النفسي في ذاته، لأن مرجع هذا العلم التفصيلي إلى العلم الاجمالي إما بوجوبه النفسي أو الغيري، ومعنى كون وجوبه غيريا أنه قيد للصلاة وأصالة البراءة فيه وإن كانت في نفسها جارية إلا