ضمن البحوث القادمة أن كلا الأثرين لا يصلح أن يكون أثرا فقهيا للمسألة الأصولية مباشرة ومن هنا قلنا أن مسألة مقدمة الواجب ليست من المسائل الأصولية التي تقع في طريق عملية الاستنباط للحكم الفقهي الكلي بنحو مباشر كما هو شأن المسألة الأصولية بل تقع بواسطة مسألة أصولية فتكون صغرى لها وتمام الكلام هناك.
وأما الكلام في المقام الثاني فتارة يقع في ثبوت الملازمة في مرحلة الإرادة وأخرى في مرحلة الجعل والاعتبار.
أما الأول فلا شبهة في ثبوت الملازمة في هذه المرحلة لوضوح أن المولى إذا أراد شيئا بالأصالة أراد مقدماته أيضا بالتبع كما أن حب شئ يستلزم حب مقدماته وهذا التلازم أمر وجداني لا برهاني فلهذا لا يمكن الزام الخصم به فالنتيجة أن الإيمان بالمسائل النظرية إنما هو بالبرهان وأما الإيمان بالمسائل الوجدانية فإنما هو بشهادة الوجدان.
و دعوى أنه لا ملازمة بين إرادة شئ وإرادة مقدماته لأن إرادة المقدمة ليست بمعنى تعلق الحب والشوق بها بل بمعنى إعمال القدرة نحو الاتيان بها وما قيل من أن إرادة شئ تستتبع إرادة مقدماته المستتبع لتحريك العضلات نحوها خلاف الوجدان لأن الإرادة والشوق إنما هي تجاه ذي المقدمة دونها ومن هنا إذا كانت المقدمة محرمة وتكون مساوية مع وجوب ذيها في الأهمية فلا يعقل تعلق الحب والشوق بها تبعا للحب والشوق بذيلها.
مدفوعة بأن إرادة المقدمة إرادة تبعية بمعنى أنها من شؤون إرادة ذيها ومن مراتب وجودها النازلة لأنها متولدة منها ولهذا لا تكون محركة مستقلة فإن محركيتها إنما هي بمحركية إرادة ذيها ودعوتها إنما هي بدعوتها لا بالذات وأما إذا كانت المقدمة محرمة مساوية لذيها في الأهمية ملاكا فمع لحاظ التزاحم بينهما