بين أن تكون تلك القيود من القيود المقارنة أو المتأخرة أو المتقدمة، فإنه على جميع التقادير لا توجد الحصة إلا بإيجادها وإن كانت متأخرة.
أجاب عن ذلك أيضا المحقق النائيني (قدس سره) وحاصله، أن مرد شرطية شئ للمأمور به هو أن الشارع جعل متعلق أمره حصة خاصة من الفعل وهي الحصة المتقيدة به لا مطلقا، فإن معنى كون الطهارة من الحدث شرط للصلاة هو أن المأمور به حصة خاصة منها وهي الحصة المقيدة بها لا مطلقا، فحال القيد حال الجزء فكما أن الجزء متعلق للأمر النفسي فكذلك الشرط، ولا فرق بينهما من هذه الناحية، هذا من جانب، ومن جانب آخر أنه لا مانع من أن يكون بعض أجزاء المأمور به متأخرا عن بعض آخر ولا محذور فيه، بل هو واقع في كثير من الواجبات الشرعية كالصلاة والصيام والحج ونحوها، فإن الصلاة مركبة من الأجزاء الطولية فلا يجتمع جزءان منها في آن واحد، وكذلك الصوم والأمر متعلق بتلك الأجزاء المرتبطة بعضها مع بعضها الآخر طولا، وكذا لا مانع من أن يكون بعض القيود متأخرا عن بعضها الآخر، فإن مرجع ذلك إلى أن الواجب حصة خاصة وهي الحصة المقيدة بتلك القيود سواء أكانت متقدمة أم مقارنة أم متأخرة، فطالما لم تتحقق شروطها جميعا من المتقدم والمقارن والمتأخر لم تتحقق الحصة، فغسل المستحاضة في الليل اللاحق لو كان شرطا لصحة صومها اليوم وإن كان متأخرا عن إجزاء الصوم وسائر شروطها إلا أنه ليس متأخرا عن الواجب، فإن الواجب حصة خاصة منه وهي الحصة المقيدة يغسلها في الليل اللاحق، فطالما لم تغتسل فيه لم يتحقق ما هو مصداق الواجب وهو الحصة الخاصة، بل ذكر (قدس سره) أنه ليس في الأمور التشريعية التأثير والتأثر تكوينا وإنما هو جعل الأحكام على المتعلقات ولا مانع من جعل الحكم لشئ مقيدا بقيد مقارن أو متقدم أو متأخر، ومعنى ذلك هو أن الواجب مقيد بهذه القيود المختلفة