فيرد عليه أن المعنى الحرفي في نفسه وإن كان غير قابل للتقييد، باعتبار أن شيئيته إنما هي بشيئية طرفيه ولا شئ بقطع النظر عنهما حتى يقبل التقييد أو الاطلاق، ولكن لا مانع من عروض التقييد أو الاطلاق عليه بلحاظ متعلقه كما عرفت.
الوجه الثالث: أن القيد لو رجع إلى مفاد الهيئة، لزم منه التفكيك بين الانشاء والمنشأ والايجاب والوجوب، فإن المنشأ إنما يتحقق عند تحقق الشرط والقدرة، وأما الانشاء فهو يتحقق من حين الجعل وإن لم يكن الشرط متحققا، وفي مثل قوله تعالى: ﴿لله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا﴾ (1). يتحقق الانشاء والايجاب بنفس الآية الشريفة، وأما الوجوب والمنشأ فهو معلق على الاستطاعة في الخارج ومشروط بها، فإن وجدت الاستطاعة وجد المنشأ، وإلا فلا وجود له مع أن الانشاء موجود، وهذا من تفكيك المنشأ عن الانشاء وهو مستحيل، لأن المنشأ عين الانشاء ذاتا وحقيقة، فلا يعقل إنفكاكه عنه كالايجاد والوجود في التكوينيات، وعلى هذا فرجوع القيد إلى مفاد الهيئة حيث يستلزم تفكيك الانشاء عن المنشأ، بأن يكون الانشاء حاليا والمنشأ استقباليا وهو مستحيل كتفكيك الايجاد عن الوجود، فلابد من إرجاعه إلى مفاد المادة هذا، وقد أجاب عن ذلك المحقق الخراساني (قدس سره) بتقريب أن المنشأ في القضية الشرطية الانشائية كالآية الشريفة ونحوها، حيث إنه حصة خاصة من الطلب وهي الطلب على تقدير حصول الشرط كالاستطاعة أو نحوها لا الطلب المطلق، فبطبيعة الحال لا يتحقق الطلب المنشأ قبل تحقق الشرط وإلا لزم تخلف المنشأ عن الانشاء وهو محال، ودعوى أن إنشاء الوجوب والطلب معلقا على