يعقل انحلاله في هذا العالم، وإلا فلازمه التركيب فيه وهو خلف ولا وجود له في عالم الخارج لكي ينحل بانحلال أجزاء الواجب كالصلاة ونحوها، أجل أن العقل يحكم بانحلال فاعليته في الخارج ومحركيته فيه بتبع تعدد أجزاء الواجب، ولكن من الواضح أن محركيته الضمنية لكل جزء وإنما هي بمحركيته الاستقلالية للكل لا مستقلة وإلا لزم تعدد الوجوب وهو كما ترى، وعلى هذا فلو كانت الشرائط كالأجزاء متعلقة للأمر فلابد من الاتيان بكل شرط في ضمن داعوية الأمر بالكل، كما أنه لابد من الاتيان بكل جزء كذلك مع أن المكلف غير ملزم بالاتيان بالشرائط كذلك، وأما الطهارات الثلاث فالمكلف يأتي بها لا بداعوية الأمر بالصلاة بل بداعوية ما في نفس هذه الطهارات الثلاث من المحبوبية.
فالنتيجة أن ما أفاده المحقق النائيني (قدس سره) في وجه عباديتها لا يمكن المساعدة عليه بوجه هذا.
والتحقيق في المقام أن يقال أن عبادية شئ منوطة بتوفر عنصرين فيه:
الأول: أن يكون محبوبا في نفسه لله تعالى حتى يكون قابلا للإضافة إليه سبحانه.
الثاني: أن يكون المكلف آتيا به مضافا إليه تعالى، فإذا توفر هذان العنصران فيه فهو عبادة، وعلى هذا فحيث إن كلا العنصرين متوفر في الطهارات الثلاث فهي عبادة.
أما العنصر الأول فلأن مجموعة من الروايات تنص على أنها طهور، وهذه المجموعة تحقق صغرى القياس وهي أن الطهارات الثلاث طهور، وقوله تعالى:
(إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين) يحقق كبرى القياس، وبضم الصغرى إلى الكبرى، فالنتيجة أن الطهارات الثلاث محبوبة عند الله تعالى، فإذا كانت