وما ذكره (قدس سره) إنما يتم على ضوء التفسير الأول، فإن وجوب الصلاة على أساس هذا التفسير وجوب نفسي، باعتبار أن وجوبها غير ناشئ من وجوب واجب آخر. وأما على ضوء التفسير الثاني فلا يتم ما أفاده (قدس سره)، لأن وجوب الصلاة إنما هو لأجل شئ آخر وهو المصلحة اللزومية المترتبة عليها، فإنها حقيقة الوجوب وروحه هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى الصحيح في تفسير الواجب النفسي هل هو الأول أو الثاني؟
والجواب الصحيح هو الثاني، ولا يجوز الاقتصار على الأول، لأن لازمه أن المناط في الواجب النفسي أن يكون وجوبه متعلقا به أولا وبالذات بأن لا يكون معلولا لوجوب واجب آخر، وإن كان معلولا لشئ آخر الذي هو أهم من الوجوب بمعنى الاعتبار وهو المصلحة الملزمة المترتبة عليه وهذا كما ترى، لأن لازم ذلك هو أن وجوب الواجب إن كان ناشئا عن وجوب واجب آخر فهو واجب غيري، وإن كان ناشئا عما هو روح الوجوب وحقيقته فليس بواجب غيري، ولهذا فلا يمكن الاقتصار على التفسير الأول، وعليه فحيث إن وجوب الصلاة من أجل مصلحة لزومية قائمة بها ومترتبة عليها في الخارج فلا يكون نفسيا، ومجرد أن وجوبها لم ينشأ من وجوب واجب آخر لا يكفي في كونها واجبة نفسية طالما يكون وجوبها لأجل غيرها لا لنفسها، لعدم صدق تعريف الواجب النفسي عليها، فالمعيار فيه ما كان وجوبه لنفسه لا لأجل غيره، وفي الغيري ما كان وجوبه لأجل غيره سواء كان ذلك الغير واجبا أم لم يكن واجبا، إذ لا أثر لوجوبه من هذه الناحية. وبكلمة أن وجوب الواجب المتعلق به أولا وبالذات، فإن كان ناشئا عن محبوبية نفسه وتعلق إرادة المولى به كذلك في مرحلة المبادئ فهو واجب نفسي، وإن كان ناشئا