القول الثاني: ما ذكره المحقق العراقي (قدس سره) من أن الإرادة المشروطة فعلية في أفق النفس كالإرادة المطلقة، ولكن لا من جهة أن القيد قيد للمراد لا للإرادة بل هو قيد لها، فمع ذلك تكون فعلية قبل تحقق القيد في الخارج، وذلك لأن الإرادة بما أنها من الموجودات في أفق النفس، فلا محالة تكون شروطها أيضا من الموجودات في هذا الأفق، وحيث أنها بوجودها الذهني فعلي، فالإرادة المشروطة بها أيضا كذلك، وعلى الجملة فالشرط للإرادة ليس وجود القيد في الخارج بل وجوده في عالم الذهن وهو فعلي (1) هذا.
والجواب أن الإرادة وإن كانت من الموجودات في عالم النفس، إلا أنها موجودات واقعية تصديقية فيه لا تصورية، فإذن بطبيعة الحال تكون شروطها أيضا كذلك، فإن العطش شرط لإرادة شرب الماء بوجوده التصديقي الواقعي في عالم النفس لا بوجوده التصوري، إذ لا يترتب على وجوده التصوري أثر، ضرورة أن تصور العطش لا يكفي لحصول إرادة شرب الماء، كما أن تصور المرض لا يوجب تحقق الإرادة نحو شرب الدواء وهكذا، فالنتيجة أن هذا القول مبني على الخلط بين كون القيد شرطا للإرادة بوجوده اللحاظي التصوري، وكونه شرطا لها بوجوده التصديقي الواقعي، وتخيل أن الشرط هو الأول.
القول الثالث: ما ذكره المحقق النائيني (قدس سره) من أن الإرادة المشروطة كالإرادة المطلقة في الوجود، فكما أن وجود الإرادة المطلقة فعلي فكذلك وجود الإرادة المشروطة، فلا فرق بينهما من هذه الناحية، وإنما الفرق بينهما في الموجود، فإنه في الإرادة المشروطة معلق وفي الإرادة المطلقة منجز وهذا