يكون ملاك الوجوب النفسي قائما بمتعلقه، وإرادة الوجوب الغيري إنما هي بالتبع بينما إرادة الوجوب النفسي تكون بالأصالة، واعتبار الوجوب الغيري يكون بالغير بينما يكون اعتبار الوجوب النفسي بالذات، ولذلك لا تتوفر في الوجوب الغيري خصائص الوجوب النفسي المولوي، وهذه الخصائص هي حقيقة الوجوب المولوي وترتب الآثار عليه إنما هو على أساس توفر تلك الخصائص فيه، فإذا ترك المكلف الصلاة مثلا استحق العقوبة على تركها لا بما هو هو بل باعتبار أن فيه تفويتا للخصائص المذكورة، ومن هنا لا يستحق العقاب على ترك الواجب الغيري باعتبار أنها لا تتوفر فيه.
والخلاصة أنه لا عقوبة على مخالفة الوجوب الغيري، ومن هنا لو ترك المكلف الواجب النفسي بما له من المقدمات لم يستحق إلا عقابا واحدا.
الثاني: إن الوجوب الغيري لا يصلح أن يكون محركا بصورة مستقلة عن الوجوب النفسي نحو الاتيان بمتعلقه وإلا لزم خلف فرض كونه غيريا، لأن إطاعة المولى إنما هي بتحرك المكلف وإرادته التكوينية على طبق الإرادة التشريعية من المولى، وحيث إن الإرادة التشريعية لم تتعلق بالمقدمة إلا تبعا لا حقيقة وذاتا، فلذلك لا يكون الاتيان بها مصداقا لطاعة المولى، وعليه فلا يكون تحرك المكلف نحو الاتيان بالمقدمة بصورة مستقلة عن تحركه نحو الاتيان بذيلها ولا يكون بروحية الطاعة والانقياد للمولى.
الثالث: إن ملاك الوجوب الغيري وسببه التعليلي إنما هو حيثية المقدمية التي هي جهة تعليلية لا تقييدية، ولهذا يكون متعلقه واقع المقدمة بالحمل الشائع بدون أخذ شئ من الخصوصيات فيه كقصد التوصل والتقرب ونحوهما فإن كل ذلك خارج عن دائرة الواجب الغيري، لأن ملاك تعلقه به إنما هو توقف وجود الواجب على وجودها في الخارج، ومن الواضح أن خصوصية