وقد أورد على هذا الوجه المحقق النائيني (قدس سره) بما يلي: وهو أن حسن الواجبات الشرعية كالصلاة ونحوها إن كان بلحاظ مقدمية تلك الواجبات للمصالح والملاكات اللزومية فالإشكال قد ظل بحاله، فإنها في نفسها ليست بحسنة وإنما هي حسنة بالتبع وبالغير لا بالذات، وإن كان ذاتيا لها بقطع النظر عن تلك المصالح والملاكات الملزمة المترتبة عليها، فلازم ذلك أن لا يكون شئ من الواجبات النفسية في الشريعة المقدسة متمحضا في الواجب النفسي وذلك لاشتمالها على ملاكين:
أحدهما: حسنها الذاتي، فإنه ملاك وجوبها النفسي، والآخر كونها مقدمة لواجب آخر، فإنه ملاك وجوبها الغيري كصلاة الظهر، فإنها واجبة لنفسها ومقدمة لغيرها وهي صلاة العصر، وكذلك الحال في صلاة المغرب فإنها واجبة لنفسها ومقدمة لواجب آخر وهو صلاة العشاء هذا (1).
وفيه أن هذا الإشكال لا يرجع بالتحليل إلى معنى صحيح، أما الشق الأول منه فهو إشكال معروف في الألسنة وسوف يأتي الجواب عنه. وأما الشق الثاني فهو ليس بإشكال، إذ لا مانع من أن يكون الواجب النفسي مقدمة لواجب آخر كصلاة الظهر، فإنها على الرغم من كونها واجبة نفسية مقدمة لواجب نفسي آخر وهو صلاة العصر، وكذلك الحال في صلاة المغرب فإنها ترغم كونها واجبة نفسية مقدمة لواجب نفسي آخر وهو صلاة العشاء وهكذا، والنكتة في ذلك أن مقدميتها بملاك ونفسيتها بملاك آخر ولا يرتبط أحد الملاكين بالآخر ولا تنافي بينهما، فما ذكره (قدس سره) من أن الواجبات النفسية إن كانت نفسيتها بلحاظ حسنها الذاتي بقطع النظر عن المصالح والملاكات