التعارض أو التزاحم إلا أن ذلك ليس ثمرة فقهية مبررة لأصوليتها فإن الثمرة الفقهية مترتبة على مسائل أخرى مباشرة وهي كبرى قواعد الترجيح في باب التعارض أو التزاحم لا على هذه المسألة وقد ذكرنا في أول بحث الأصول أن الضابط لأصولية المسألة أن تكون ذات طابع استدلالي للفقه خاصة كدليل مباشر على الجعل ومن الواضح أن هذا الضابط لا ينطبق على هذه المسألة فمن أجل ذلك لا يمكن القول بأنها مسألة أصولية بل هي مبادئها التصديقية وصغرياتها.
ثم إن المحقق الخراساني (قدس سره) ذكر ثمرة فقهية للقول بوجوب المقدمة الموصلة وهي صحة العبادة إذا كان تركها مقدمة لواجب أهم كما إذا وقعت الصلاة في المسجد مزاحمة مع واجب أهم كالإزالة مثلا فإنه على القول بوجوب المقدمة مطلقا تقع الصلاة فاسدة على أساس أنها الضد العام للواجب الغيري وهو تركها والأمر به وإن كان غيريا فهو يقتضي النهي عن ضده العام والنهي عن العبادة يوجب فسادها وإن كان غيريا وأما إذا قلنا بأن الواجب المقدمة الموصلة لا مطلق المقدمة وحينئذ فحيث أن فعل الصلاة ليس ضدا عاما للترك الموصل فلا يقتضي الأمر به النهي عنها حتى تقع فاسدة فلهذا لابد من الحكم بصحتها فهذه ثمرة مترتبة على القول بوجوب المقدمة الموصلة فحسب (1).
والجواب: أن صحة العبادة وفسادها وإن كانت تصلح أن تكون ثمرة فقهية للمسألة الأصولية إلا أنهما لا يترتبان على هذه المسألة مباشرة أما الفساد فهو يتوقف على تمامية عدة مسائل ومقدمات:
الأولى: القول بثبوت الملازمة بين الأمر بشئ والنهي عن ضده.
الثانية: أن النهي الغيري كالنهي النفسي يقتضي الفساد.