بالحسن والقبح، وأما الملازمة بين حكم العقل النظري وحكم الشرع فهي وإن كانت ثابتة كبرويا إلا أنه لا وجود لها في مرحلة التطبيق صغرويا، وتمام الكلام في ذلك قد تقدم.
الثالث: ما ذكره المحقق النائيني (قدس سره) من إن الأمر لا يمكن أن يتعلق بالغايات القصوى المترتبة على الواجبات الشرعية، بتقريب أن الغايات تقسم إلى ثلاثة أقسام، الأول ما يترتب على الفعل الخارجي من دون توسط أمر اختياري أو غير اختياري بينه وبين ذلك الفعل، وذلك كالزوجية المترتبة على العقد والطهارة المترتبة على الغسل أو الوضوء والقتل المترتب على سببه وما شاكل ذلك، فإذا كانت الغاية من هذا القبيل فلا مانع من تعلق التكليف بها، لأنها مقدورة بواسطة القدرة على سببها.
الثاني: ما يترتب على الفعل الخارجي بتوسط أمر اختياري خاصة، وذلك كالصعود على السطح وطبخ اللحم وما شاكلهما، فإن كل ذلك في الخارج يتوقف على عدة مقدمات اختيارية، وفي هذا الصنف أيضا لا مانع من تعلق التكليف بنفس الغاية والغرض على أساس أن المقدور بالواسطة مقدور.
الثالث: ما يترتب على الفعل الخارجي بتوسط أمر خارج عن الاختيار، فتكون نسبة الفعل إليه نسبة المعد إلى المعد له، لا نسبة السبب إلى المسبب والعلة إلى المعلول وذلك كحصول الثمر من الزرع، فإنه يتوقف زائدا على زرع الحب في الأرض وجعلها صالحة له وسقيها على مقدمات أخرى خارجة عن اختيار الإنسان، فالمقدمات الاختيارية مقدمات إعدادية فحسب، ومثل ذلك شرب الدواء للمريض، فإن تحسن حاله يتوقف على مقدمة أخرى خارجة عن اختياره، وهذا الصنف مما لا يمكن تعلق التكليف به لأنه تكليف بغير المقدور وما نحن فيه من هذا القبيل، فإن نسبة الأفعال الواجبة إلى ما يترتب عليها من المصالح