إلى هنا قد وصلنا إلى هذه النتيجة وهي أن ترك التعلم إن كان يؤدي إلى ترك الواجب في ظرفه، كان التعلم من المقدمات الوجودية كالمقدمات المفوتة، وإن كان يؤدي إلى عدم إحراز امتثاله لا تفصيلا ولا إجمالا، كان التعلم من المقدمات العلمية، وملاك وجوب التعلم في كلا القسمين وهو فعلية ملاكاتها واهتمام الشارع بالحفاظ عليها وعدم جواز تفويتها في ظرفها ولو بترك التعلم قبل الوقت.
ومن هنا تختلف المقدمات العلمية في المقام عن المقدمات العلمية في سائر الموارد، فإن الحاكم بوجوب المقدمات العلمية في سائر الموارد هو العقل، وأما في المقام فهو الشرع، إذ العقل لا يحكم بوجوب التعلم قبل وقت الواجب لا من باب المقدمات المفوتة ولا من باب المقدمات العلمية في المرتبة السابقة لكي يكون حكم الشرع إرشادا إليه، وعلى هذا فحكم الشرع بوجوب التعلم بما أنه لا يمكن أن يكون جزافا، فلا محالة يكون مبنيا على نكتة وهي أنه يكشف عن اهتمام الشارع بالأحكام الواقعية وملاكاتها وعدم رضائه بتفويتها في ظرفها ولو بالتساهل والتسامح في التعلم قبل أوقاتها.
وأما الكلام في المقام الثالث، وهو التعلم قبل البلوغ فهل هو واجب على الشخص إذا كان واثقا ومطمئنا بأنه إذا لم يتعلم قبل البلوغ لم يتمكن منه بعد البلوغ، فيه وجهان:
فذهب السيد الأستاذ (قدس سره) إلى الوجه الثاني وهو عدم وجوبه قبل البلوغ وإن علم بعدم تمكنه منه بعد البلوغ، وقد أفاد في وجه ذلك أن مقتضى حديث رفع القلم عن الصبي (1) أنه لا يترتب على ترك التعلم قبل بلوغه أثر، إذ لا حكم له قبل