وإلا فلا قيمة للأمر بما هو اعتبار.
فالنتيجة أن ما أفاده (قدس سره) من أن الواجبات الشرعية كالصلاة ونحوها مقصودة بالذات من المكلف والمصلحة المترتبة عليها ليست مرادة منه لا بالعرض ولا بالذات لا يرجع إلى معنى صحيح، كما أنه ظهر بما ذكرناه أن هذا الفرق بين الواجب النفسي والواجب الغيري غير فارق.
الثاني: ما ذكره المحقق الخراساني (قدس سره) من أن الواجب النفسي ما يكون معنونا بعنوان حسن في نفسه لا من أجل واجب آخر، ويستقل العقل بمدح فاعله وذم تاركه وهو يدعو المولى إلى إيجابه من أجل حسنه الذاتي، ولا منافاة بين كونه حسنا في نفسه ومتعلقا للوجوب كذلك، وبين كونه مقدمة لمصلحة ملزمة مطلوبة واقعا، بينما الواجب الغيري ما يكون كذلك من أجل واجب آخر لا من أجل حسنه الذاتي، وإن فرض أنه حسن في نفسه كالطهارات الثلاث، فإنها وإن كانت معنونة بعنوان حسن إلا أن الأمر الوجوبي المتعلق بها ليس من أجل حسنها ذاتا بل من أجل واجب آخر كالصلاة ونحوها، فلهذا يكون وجوبها غيريا مترشحا من وجوب واجب آخر.
والخلاصة أن الضابط في كون الواجب نفسيا أو غيريا هو أن كلما كان وجوبه متعلقا به بلحاظ حسنه الذاتي فهو واجب نفسي وإن كان مقدمة لمطلوب آخر كصلاة الظهر، فإنها على الرغم من كون وجوبها بلحاظ حسنها الذاتي مقدمة لواجب آخر وهو صلاة العصر، فإن ذلك لا يضر بكونها واجبة نفسية، وكلما كان وجوبه متعلقا به من أجل واجب آخر ومترشحا من وجوبه فهو واجب غيري وإن كان حسنا في نفسه هذا (1).