في ظرفه منذ دخول الشهر، وأما عدم فعلية وجوبه، فإنما هو من جهة استحالة الواجب المعلق والمشروط بالشرط المتأخر، وحينئذ وإن لم يكن بامكان المولى الخطاب فعلا إليه بنحو الواجب المعلق أو المشروط بالشرط المتأخر، ولكن بامكانه الإشارة إلى تمامية ملاكه في ظرفه بلسان هذه الروايات.
إلى هنا قد وصلنا إلى هذه النتيجة، وهي أن وجوب الغسل من الجنابة أو الحيض وجوب مقدمي، ومع الاغماض عن ذلك فلا شبهة في دلالة هذه الروايات على تمامية ملاك الصوم في وقته وعدم جواز تفويته مطلقا حتى قبل الوقت بترك الاتيان بالمقدمات المفوتة، وإلا استحق العقوبة عليه بعد الوقت، لأن الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار.
وأما الكلام في المسألة الثالثة وهي مسألة وجوب المقدمات المفوتة في باب الصلاة، فيقع فيها تارة في توقف أصل الصلاة على مقدمة قبل دخول وقتها وأخرى في توقف مرتبة منها على مقدمة قبل دخوله دون أصل الصلاة، أما الكلام في الأول، كما إذا فرض أن المكلف يعلم بأنه لو لم يقم بتحصيل الطهارة من الحدث قبل الوقت فلا يتمكن منها بعد دخول الوقت لا من المائية ولا من الترابية، ففي مثل ذلك لا يبعد وجوب تحصيل الطهارة قبل الوقت، لأن اهتمام المولى بالصلاة وجعلها عماد الدين ونحو ذلك، يكشف عن أن ملاكها تام في ظرفها وإن القدرة الدخيلة فيه قدرة مطلقة، فيجب على المكلف تحصيلها من قبل مقدماتها المفوتة قبل الوقت إذا لم يتمكن منه بعد دخول وقتها، ولا يرضى الشارع بتفويتها مطلقا حتى بترك تحصيل القدرة عليها قبل الوقت إذا كان متمكنا من ذلك.
وأما الكلام في الثاني، فالظاهر أن المعتبر في وجوب كل مرتبة من مراتبها قدرة خاصة وهي القدرة عليها بعد دخول الوقت، كما إذا علم المكلف بأنه لو لم يتوضأ قبل الوقت فلا يتمكن من ذلك بعد الوقت، أو علم بأن ما