والملاكات اللزومية نسبة المعد إلى المعد له، حيث إن بينهما مقدمات خارجة عن إختيار المكلف، وعليه فلا يمكن تعلق التكليف بتلك المصالح والملاكات، لفرض أنها خارجة عن اختيار المكلف هذا (1).
وقد أورد عليه السيد الأستاذ (قدس سره) بأن ما أفاده (قدس سره) وإن كان تاما بالنسبة إلى الغرض الأقصى لأنه خارج عن قدرة المكلف واختياره كالنهي عن الفحشاء الذي هو الغاية القصوى من الصلاة، فإنه لا يترتب عليها ترتب المعلول على العلة التامة بل ترتبه عليها يتوقف على مقدمة أخرى خارجة عن اختيار المكلف وقدرته، إلا أنه غير تام بالنسبة إلى الغرض الأدنى وهو حيثية الإعداد والتهيؤ للوصول إلى الغرض الأقصى، والمفروض أن تلك الحيثية مترتبة على الواجبات الشرعية ترتب المسبب على السبب والمعلول على العلة التامة، وحيث إن السبب مقدور للمكلف فلا مانع من تعلق التكليف بالمسبب، فيكون المقام نظير الأمر بزرع الحب في الأرض، فإن الغرض الأقصى منه وهو حصول النتاج وإن كان خارجا عن اختيار المكلف، إلا أن الغرض الأدنى المترتب على الزرع من دون تخلف وهو إعداد المحل وتهيؤه مقدور له بالقدرة على سببه، هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى حيث إن الغرض المترتب على تلك الأفعال ترتب المسبب على السبب لزوميا على الفرض فبطبيعة الحال يتعين التكليف به لكونه مقدورا، وعلى ذلك يبقى إشكال دخول الواجبات النفسية في تعريف الواجب الغيري بحاله (2).