الواجب النفسي الحقيقي من كونه محركا ومقربا وموجبا لاستحقاق الثواب على موافقته والعقاب على مخالفته مترتبة على هذه الواجبات النفسية المتعارفة، فإنها المرادة من المكلف بالذات فإرادتها منه هي الداعية له فهي المقربة له (1).
ولكن للمناقشة فيما أفاده (قدس سره) مجالا واسعا، إذ لا شبهة في أن المصالح والملاكات اللزومية المترتبة على الواجبات الشرعية كالصلاة والصيام والحج ونحوها مقصودة ومرادة من المكلف أولا وبالذات، لوضوح أن الأمر بالصلاة إنما هو من جهة اشتمالها على المصلحة الملزمة وترتبها عليها، فإنها تدعو المولى إلى إيجابه وإلا لكان وجوبها لغوا، والمفروض أن تلك المصالح والملاكات ترجع إلى العباد، فإيجاب هذه الواجبات الشرعية إنما هو لإدراك العباد تلك المصالح ووصولهم إليها وأن لا تفوت عنهم، ولا يمكن فرض أن الصلاة مطلوبة من شخص والغرض المترتب عليها مطلوب من آخر وهكذا، بل أن هذا في نفسه غير معقول في الواجبات الشرعية، باعتبار أن ترتب المصالح اللزومية عليها من قبيل ترتب الأثر على المؤثر فلا يمكن أن يكون الشخص مكلفا به فحسب لأنه خارج عن اختياره وقدرته، وما أفاده (قدس سره) مبني على الخلط بين الواجبات العرفية والواجبات الشرعية، فإن هذا التفكيك ممكن في الواجبات العرفية، حيث لا مانع من أن يكون الفعل فيها مرادا من شخص وما يترتب عليه الغرض مرادا من آخر باعتبار أن الغرض هناك لا يرجع إلى المأمور بل يرجع إلى الآمر، وحينئذ فيمكن التفكيك بأن يكون الفعل الذي هو بمثابة المقدمة مطلوبا من فرد وتحصيل الغرض منه مطلوبا من