ويمكن المناقشة فيه بتقريب، أنه لا إطلاق لأدلة أصالة البراءة للشبهات المقرونة بالعلم الاجمالي والشبهات الحكمية قبل الفحص، لأنها منصرفة عن تلك الشبهات عرفا، أو أن هناك قرينة لبية عقلية كالمتصل مانعة عن انعقاد ظهورها في الاطلاق وهي أن الرجوع إليها في تلك الشبهات يؤدي في مخالفة الواقع وتفويت الملاكات الملزمة في ظرفها في كثير من الموارد، فإذن لا مانع من الالتزام بهذا القول من هذه الناحية.
وبكلمة أن ما دل على وجوب التعلم من الآيات والروايات مدلولين:
الأول: المدلول المطابقي وهو وجوب التعلم وتكون دلالته عليه بالمطابقة.
الثاني: المدلول الالتزامي وهو أن ملاكات الأحكام الواقعية تامة في ظرفها ويدل عليه بالالتزام، هذا بحسب مقام الاثبات، وأما بحسب مقام الثبوت والواقع، فالمدلول الالتزامي هو الملاك والمنشأ لمدلوله المطابقي وهو وجوب التعلم، لوضوح أنه لولا تمامية ملاكاتها في ظرفها من قبل التعلم لم يكن هناك مبرر لجعل وجوبه، فالمبرر له إنما هو تمامية الملاكات فيه وإلا فلا يكون المكلف مسؤولا أمامها قبل الابتلاء بها، وأما بعده فإن تمكن من الامتثال تفصيلا أو اجمالا فهو، وإن لم يتمكن فهو معذور فلا شئ عليه، فإذن جعل وجوب التعلم في مقام الاثبات كاشف عن أن ملاكات الأحكام الواقعية تامة في ظرفها وهي تدعو المولى إلى جعل هذا الوجوب بغرض الحفاظ على الملاكات الواقعية وعدم تفويتها، وعلى هذا فلابد من النظر إلى أن هذا الوجوب هل هو إرشادي أو طريقي بعد ما لا يمكن أن يكون نفسيا أو غيريا.
أما الاحتمال الأول، فلأنه إن كان إرشاديا فهو إرشاد لا إلى حكم العقل