مقابل القدرة الخاصة وهي القدرة في ظرف الواجب، ونتيجة ذلك أنه لا يجب على المكلف تحصيل القدرة لا قبل دخول الوقت ولا بعد دخوله، نعم إذا كان قادرا قبل الوقت ولو من جهة قدرته على الاتيان بالمقدمات المفوتة، فيجب عليه التحفظ على قدرته ولا يجوز له تفويتها بعدم الاتيان بتلك المقدمات، لأن تفويتها تفويت الملاك الملزم في ظرفه فلا يجوز.
القسم الثالث: ما هو مشروط بالقدرة الخاصة وهي القدرة على الواجب بعد دخول وقته، وهذه القدرة هي الدخيلة في الملاك لا القدرة المطلقة. ونتيجة ذلك أنه لا يجب على المكلف تحصيل القدرة قبل الوقت وإن علم بأنه لو لم يقم بتحصيلها من الآن لم يتمكن منه بعد الوقت، وحينئذ فإن تمكن منه بعد الوقت فهو ، وإلا فلا وجوب ولا ملاك.
فالنتيجة أن الواجبات الشرعية بلحاظ اشتراطها بالقدرة تقسم إلى هذه الأقسام الثلاثة بحسب مقام الثبوت، ولا إشكال فيها في هذا المقام.
وإنما الكلام في الدليل على كل واحد من هذه الأقسام الثلاثة في مقام الاثبات، أما القسم الأول فهو مختص بالواجبات التي لم يؤخذ القدرة في لسان أدلة جعلها في الشريعة المقدسة، وعليه فلا تدل أدلتها على أنها دخيلة في ملاكاتها في مرحلة المبادئ.
فإذن بطبيعته الحال يكون الحاكم بها العقل من باب قبح تكليف العاجز، وحيث إنه لا طريق للعقل إلى ملاكاتها في الواقع، فلذلك لا يحكم بأنها دخيلة فيها، وعلى ذلك فإن أحرز أن ملاكاتها مطلقة وغير مقيدة بشئ في الواقع، فيستقل العقل بلزوم الحفاظ عليها وعدم جواز تفويتها ولو بترك المقدمات المفوتة قبل ظروف امتثالها، فإذن لابد من توفير جميع هذه المقدمات وعدم جواز التسامح والتساهل فيها الموجب لتفويت الواجب بما له من الملاك الملزم