المعتبرة فيه قدرة خاصة وهي القدرة عليه في وقته، ضرورة أن لازم ذلك جواز ترك الحج في وقته للنائي، إذ لا يجب عليه تحصيل القدرة من قبل المقدمات المفوتة قبل الوقت لعدم الملاك له، وأما بعد الوقت فهو عاجز عنه، فإذن لا يفوت عنه شئ لا قبل الوقت لعدم الملاك له ولا بعده لأنه مشروط بالقدرة ولا قدرة عليه.
ودعوى أن هذه الأدلة تدل بالمطابقة على وجوب الحج عند الاستطاعة وبالالتزام على ثبوت ملاكه في الواقع واتصافه به، وعليه فإذا سقطت دلالتها المطابقية على الوجوب من جهة استحالة الواجب المطلق أو المشروط بالشرط المتأخر، سقطت دلالتها الالتزامية أيضا، لأنها تابعة لها حدوثا وبقاء فلا يعقل بقائها بعد سقوط الدلالة المطابقية، لأنه بمثابة بقاء المعلول بعد سقوط العلة.
مدفوعة بأن دلالة هذه الأدلة على أن ملاكه تام من قبل المقدمات المفوتة ليست بالالتزام لكي يقال أنها سقطت بسقوط الدلالة المطابقية، بل من جهة أن ضم الأدلة الدالة على أن حجة التمتع من حجة الإسلام مجعولة على النائي إلى أدلة الاستطاعة كالآية الشريفة وغيرها، يدل على أن ملاكه تام بعد الاستطاعة من قبل المقدمات المفوتة، وأن القدرة المعتبرة فيه قدرة مطلقة وهي القدرة من قبل تلك المقدمات قبل وقت الواجب، وإلا كان وجوبه على النائي لغوا، إذ حينئذ يجوز له ترك الحج اختيارا بدون أن يكون مسؤولا أمام الله تعالى حيث لم يفت منه شئ، إذ لا ملاك له قبل وقته لأنه مشروط به، ولا بعده لأنه مشروط بالقدرة عليه ولا قدرة بعده.
والخلاصة أن نفس الأدلة التي تنص على وجوب حج التمتع من حجة الإسلام على النائي عند استطاعته قرينة واضحة على أن ملاكه تام من هذا