قيديته مختصة بحال العمد والالتفات، لأن المانع عنه الاصباح جنبا عامدا وملتفتا لا مطلقا، فإذن لا محالة يكون وجوب الغسل وجوب غيري لأنه من المقدمات الوجودية التي يتوقف وجود الواجب عليها ولا يحتمل أن يكون وجوبه وجوبا نفسيا.
هذا إضافة إلى أن سد تمام أبواب عدم الواجب كالصوم مثلا مفهوم منتزع من الأمر به مقيدا بقيود ومشروطا بشروط سواء أكانت متقدمة أم مقارنة أم متأخرة، فإن امتثال هذا الواجب يتوقف على سد جميع أبواب العدم من ناحية قيوده وشروطه بلا فرق بين المتقدمة والمقارنة والمتأخرة في ذلك، فإذن ليس سد باب العدم متعلقا للتكليف بل العقل يحكم بهذا السد من باب حكمه بلزوم الطاعة والامتثال فيكون من شؤون حكمه في ذلك الباب، فالنتيجة أن الصنف الأول لا يدل على وجوب سد أبواب العدم لا بوجوب نفسي ولا غيري، وأما الصنف الثاني فهو يدل على وجوبه بوجوب غيري، وأما في باب الحج فهنا أيضا صنفان من الدليل:
الصنف الأول: الآية الشريفة: ﴿ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا﴾ (1) فإنها بضميمة الروايات التي تنص على شرطية الاستطاعة ظاهرة في تحقق وجوب الحج عند تحقق الاستطاعة (2)، وهو مبني إما على القول بالواجب المعلق أو على القول بالواجب المشروط بالشرط المتأخر، ولكن قد تقدم استحالة كلا القولين معا وأنه ليس بامكان المولى الخطاب فعلا إذا كان الواجب متأخرا أو شرطه كذلك، وعلى هذا فلابد من حمل الآية على أنها في