في مقام البيان من هذه النواحي وإنما هي في مقام أصل تشريع صوم شهر رمضان، فإذن إرادة كل من هذه الخصوصيات بحاجة إلى دليل خارجي، ومقتضى الدليل الخارجي أنه واجب منذ طلوع الفجر، وعليه فتشريع الوجوب وجعله من الليل يكون للصوم بعد الفجر فيكون الجعل والتشريع من الآن وفعلية المجعول منذ الفجر بفعلية موضوعه، وعلى هذا فيكون زمان الواجب وزمان فعلية الوجوب واحد وهو يبدأ من الفجر، وزمان الجعل والتشريع متقدم، ومع الاغماض عن ذلك وتسليم أن الآية ظاهرة في أن وجوب الصوم فعلي منذ الرؤية وزمان الواجب متأخر، فلابد من رفع اليد عن ظهورها في ذلك وحملها على ما ذكرناه، ومن هنا يظهر أن الآية كما لا تدل على أن الوجوب من الآن كذلك لا تدل على أن الاتصاف بالملاك كذلك، على أساس أن الدلالة الالتزامية تابعة للدلالة المطابقية، وأما الرواية الآمرة بالصوم عند الرؤية، فهي أيضا في مقام تشريع وجوب صوم شهر رمضان وليست في مقام بيان أنه واجب من الآن أو من الغد، فحالها حال الآية الشريفة من هذه الناحية حرفا بحرف.
فالنتيجة أن أدلة التشريع من الآية والروايات لا تدل على أن وجوب الصوم ثابت منذ الليل حكما وملاكا.
وأما الكلام في الثانية وهي الروايات التي تدل على وجوب الغسل على الجنب في ليالي شهر رمضان قبل طلوع الفجر ولا يجوز له أن يصبح جنبا متعمدا وإلا لكان صومه باطلا (1)، فمفاد هذه الروايات إرشاد إلى شرطية حصة خاصة من الغسل في الليل للصوم منذ الفجر وأنها شرط وقيد له ودخيل في ترتب الملاك عليه، ونتيجة هذا أن الواجب حصة خاصة من الصوم وهي الصوم المقيد