الصنف الأول: الآية الشريفة ﴿من شهد منكم الشهر فليصمه﴾ (1) فإنها بضميمة الروايات التي تنص على وجوب الصوم عند الرؤية، ظاهرة في أن وجوب الصوم يتحقق منه بشهود الهلال، وحيث إنه لا يمكن أن يكون بنحو الواجب المعلق ولا الواجب المشروط بشرط متأخر لاستحالتهما معا كما مر، فإذن لابد من أن يراد منها أنها في مقام بيان جعل وجوب الصوم بعد طلوع الفجر من الآن، أي منذ شهود الهلال في الليل فيكون الجعل منذ ذلك الآن، وأما المجعول بمعنى فعليته بفعلية موضوع في الخارج فهو بعد الطلوع، ونتيجة ذلك أن الفجر كما أنه شرط للواجب ودخيل في الترتب كذلك شرط لفعلية الوجوب ودخيل في الاتصاف، فالنتيجة أن هذا الصنف لا يدل على أن سد باب عدم الصوم واجب نفسي بل لا إشعار فيه على ذلك فضلا عن الدلالة والظهور، كما أنه لا يدل على وجوب السد بوجوب غيري، لأنه أثر فعلية فاعلية وجوب ذي المقدمة لا من أثر فعلية نفسه بفعلية الجعل.
الصنف الثاني: الروايات التي تنص على وجوب الغسل على الجنب أو الحائض أو النفساء قبل طلوع الفجر، ولا يجوز له أن ينام قبل الغسل إذا لم تكن من عادته الاستيقاظ قبل الفجر في وقت يتمكن من الغسل فيه (2)، فإن هذه الروايات تدل على أن وجوب الغسل وجوب مقدمتي لا نفسي وأنه شرط لصحة الصوم، بمعنى أن المأمور به حصة خاصة منه وهي الصوم المقيد بغسل الجنابة أو الحيض أو النفاس، بحيث يكون التقيد به جزئه والقيد خارج، غاية الأمر أن