بمقدوره الاتيان بها بعد الوقت، فإذن لا مانع من ترشح الوجوب على تلك المقدمات التي لا يقدر عليها بعد الوقت (1).
والجواب: أن هذه المحاولة مبنية على إمكان الشرط المتأخر، وقد تقدم أنه لا يمكن أن يكون الوجوب بتمام مراحله من مرحلة الاتصاف إلى مرحلة الجعل مشروطا بشرط متأخر لاستحالة تأثير المتأخر في المتقدم هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى أن وجوب المقدمة إنما هو من أثر فعلية فاعلية وجوب ذيها لا من أثر فعلية الوجوب نفسه، فإن فعليته إنما هي بنفس الجعل والاعتبار وليست له فعلية أخرى، وبتحقق موضوعه وشرطه في الخارج يصبح فاعلا ومحركا بالفعل، وعلى هذا فالوجوب إذا كان مشروطا بشرط متأخر، فإنه وإن كان فعليا قبل تحقق شرطه إلا أن فعليته إنما هي بالجعل والاعتبار فحسب في عالم الذهن ولا أثر لها، وإن الأثر إنما هو لفعلية فاعليته ومحركيته وهي إنما تكون بفعلية موضوعه وشرطه في الخارج، وحينئذ فإذا تحقق شرطه في الخارج في ظرفه أصبحت فاعليته فعلية، ومن الواضح أن وجوب المقدمة، إنما هو من أثر فعلية فاعلية وجوب ذيها ومن شؤونها لا من أثر وجوده بالجعل والاعتبار.
المحاولة الثالثة: أنه لا مانع من وجوب الاتيان بالمقدمات المفوتة قبل وقت الواجب على مسلك الشيخ الأنصاري (قدس سره) بتقريب، أن القيود والشروط جميعا على مسلكه ترجع إلى الواجب والوجوب مطلق، فإذا كان الوجوب مطلقا وفعليا فمقتضاه وجوب الاتيان بجميع المقدمات التي لا يتمكن المكلف