الصوم في النهار منذ الليل، وهذا السد واجب طول هذه الفترة الزمنية ومشروطا بالقدرة عليه، فإذا كان المكلف قادرا عليه في طول هذه الفترة بالقدرة التدريجية فعلا، كان وجوبه فعليا كما هو الحال في كل واجب تدريجي، وعندئذ فلا مانع من ترشح الوجوب منه على مقدماته كالغسل من الجنابة في الليل وقبل الفجر ومن الحيض أو النفاس، أو فقل أن سد باب عدم الصوم في النهار منذ الليل واجب واحد وإن كان العدم متعددا بتعدد أسبابه، منها عدم غسل الجنابة قبل الفجر ومنها عدم غسل الحيض كذلك وهكذا، إلا أن هذه الاعدام واجبة بوجوب واحد ومنه يترشح على مقدماته.
والجواب: أولا أن هذه المحاولة مبنية على استحالة الواجب المعلق والمشروط بالشرط المتأخر معا، وإلا فلا يصل الدور إلى هذه المحاولة.
وثانيا أن هذه المحاولة لو تمت فإنما تتم فيما إذا كان طلوع الفجر من شروط الترتب فحسب دون الاتصاف بمعنى أن الصوم كان متصفا بالملاك منذ رؤية الهلال، وعندئذ فوجوب سد باب عدم الصوم في النهار منذ الغروب يكون على القاعدة، لأن اتصافه بالملاك فعلا وقبل الفجر يقتضي ذلك.
وثالثا أن الصوم مثلا لو كان متصفا بالملاك منذ الليل ولا يكون الفجر شرطا له وإنما يكون شرطا للترتب فحسب، فمعناه أن ملاكه مطلق وثابت منذ رؤية الهلال، وحينئذ فيستقل العقل بالحفاظ عليه وعدم جواز تفويته بترك المقدمات المفوتة، فيكون وجوب سد باب العدم حينئذ غيري مقدمي من أجل الحفاظ على الملاك الملزم الفعلي في الصوم لا نفسي، ولا يمكن أن يكون وجوبه نفسيا لا في باب الصوم ولا في باب الحج ولا غيرهما.
أما في باب الصوم فهنا صنفان من الدليل: