أن العلة البسيطة الإلهية يكون معلولها عين التعلق بها، و [ما] يكون بتمام هويته وحقيقته ربطا محضا بعلته، لا يمكن أن يكون له حيثية غير مرتبطة بها، وإلا لزم الاستغناء الذاتي، وهو ينافي الامكان، وفي مثله لا يمكن أن يجتمع عليه علتان حتى يبحث في كيفيته، ولا يعقل تفويض الفاعل الإلهي أثره إلى غيره، أو تعلق المعلول بالذات بغير علته الخاصة به.
وبالجملة: لا يعقل ربط المعلول البسيط تارة بهذه العلة، وأخرى بهذه، وثالثة بالجامع بينهما، للزوم الانقلاب الذاتي في البسيط.
وأما الفواعل الطبيعية، فهي بالنظر إلى شخص الأثر الخاص بها كذلك، فإن شخص الحرارة القائمة بشعاع الشمس لا يمكن أن يكون متعلقا بالنار وبالعكس، فإذا اجتمعت الشمس والنار على التأثير في ماء واحد يكون كل منهما مؤثرا فيه بقدر أثره الخاص به، فإن الماء غير بسيط، بل مركب ذو امتداد يتأثر من هذه وهذه، ولا إشكال في تأثر مثل هذا الواحد الطبيعي - القابل للتجزئة والتركيب - بعلتين، فأثر كل علة غير أثر الأخرى، وتأثر الماء بكل غير تأثره ب آخر.
وهكذا الامر في اجتماع أشخاص على رفع الحجر، فإن كل واحد يؤثر فيه أثرا خاصا به، حتى يحدث في الحجر - بواسطة القواسر العديدة - ما يغلب على ثقله الطبيعي أو جاذبة الأرض، وهذا واضح جدا.
إذا عرفت ذلك اتضح لك الخلل فيما زعمه - رحمه الله - من البناء على هذا المبنى الفاسد.