كان التشخص بالوجود والعوارض أماراته، أو بالعوارض، ضرورة أن نفس الطبيعة تخالف الوجود والتشخص وسائر [عوارضها] خارجا أو ذهنا، ولا يمكن كاشفية الشئ عما يخالفه، فالماهية لا تكون مرآة للوجود الخارجي والعوارض الحافة به.
فحينئذ نقول: إن العموم والشمول إنما يستفاد من دوال اخر، مثل: الكل، والجميع، والجمع المحلى مما وضعت للكثرات، أو تستفاد الكثرة منه بجهة أخرى، فإذا أضيفت هذه المذكورات إلى الطبائع تستفاد كثرتها بتعدد الدال والمدلول. فقوله: (كل إنسان حيوان) يدل على أن كل مصداق من الانسان حيوان، لكن الانسان لا يدل إلا على نفس الطبيعة من غير أن يكون لفظه حاكيا عن الافراد، أو الطبيعة المحكية به مرآة لها، وكلمة (كل) تدل على الكثرة، وإضافتها إلى الانسان تدل على أن الكثرة كثرة الانسان، وهي الافراد بالحمل الشائع.
فما اشتهر في الألسن من أن الطبيعة في العام تكون حاكية عن الافراد (1)، ليس على ما ينبغي، لان العموم مستفاد من كلمة (كل) و (جميع) وغيرهما، فهي ألفاظ العموم، وبإضافتها إلى مدخولاتها يستفاد عموم أفرادها بالكيفية التي ذكرناها.
وعلى هذا يصح أن يعرف العام: بما دل على تمام مصاديق مدخوله مما يصح أن ينطبق عليه.