بالطهارة، وأن فاتحة الكتاب جزؤها، لا بصدد الاخبار عن العقد السلبي والايجابي، وفي مثله لا مفهوم للاستثناء. فمعنى قوله: (لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب) أنها جزؤها، ولا تكون الصلاة بدونها صلاة، لا أنها تمام الصلاة، أو إذا اشتملت عليها لا يضرها شي، وأين هذا من مثل: (جاءني القوم إلا زيدا)؟ ثم استدل المدعي لاختصاص الحكم بالمستثنى منه، وكون الاستثناء من النفي إثباتا، وبالعكس، بقبول رسول الله صلى الله عليه وآله إسلام من قال: (لا إله إلا الله)، ولولا دلالته على إثبات الألوهية لله تعالى لما كان مفيدا للاعتراف بوجود الباري (1).
ويمكن أن يقال: إن عبده الأوثان في زمانه كانوا معتقدين بالله تعالى، لكن جعلوا الأوثان وسائط له، وكانوا يعبدونها لتقربهم إلى الله تعالى، فقبول كلمة التوحيد إنما هو لأجل نفي الألهة - أي المعبودين - لا إثبات وجود الباري تعالى، فإنه كان مفروغا عنه.
وبهذا يجاب عن الاشكال المعروف في كلمة التوحيد.
وأما الأجوبة الدقيقة الفلسفية وإن كانت صحيحة، لكنها بعيدة عن أذهان العامة، فابتناء قبوله على تلك الدقائق التي قصرت أفهام الناس عنها مقطوع العدم.