ولقد تقدم مستقصى أن ما هو مورد قاعدة الاشتغال هو التكليف الوجوبي المتعلق بصرف وجود الشيء بنحو الإطلاق سواء كان له تعلق بموضوع أم لا وأما في صورة تعلق التكليف الوجوبي بالطبيعة السارية أو كان التكليف تحريميا بأي نحو منه فالمجرى فيه البراءة محضا بل ولقد حققنا سابقا أن في التكاليف التحريمية المتعلقة بالموضوعات الخارجية كثيرا لا يكون لمتعلق العمل دخل في مناط الحكم شرعا بنحو الشرط للتحريم كيف ولازمه مع التمكن من تفويت الموضوع عند الإلجاء بالشرب على فرض وجوده كما في فرض إكراه الشخص على شرب النجس في ظرف وجوده عدم وجوب إعدامه أو عدم وجوب إبقاء عدمه بل جواز شربه إذ من البديهي أن التكليف المشروط بوجود شيء لا يقتضي حفظ وجوده ولا إعدامه فمع فرض إلجائه بالمخالفة في ظرف التكليف لا يقتضي مثل هذا التكليف الردع من الشرب ولو بنفي شرط التكليف كما هو الشأن في إكراه الحاضر على الإفطار فإنه يجوزه ولا يقتضي مثله وجوب تفويت حضره بأن يسافر ولعمري إن الالتزام بذلك في شرب النجاسات لا يكاد يرضى به أحد فيكشف ذلك كشفا جزميا بأن التكليف بترك شرب النجس مطلق حتى من قبل إعدام موضوعه أو إبقاء عدمه.
وتوهم إدخال المقام في صغريات المقدمات المفوتة الغير الجائز تفويتها حتى في المشروطات مدفوع بأن مورد الكلام فيها في المقدمات الوجودية الغير المنوط بها الوجوب شرعا لا في مثل المقام الذي كان الفائت مما ينوط به التكليف كما لا يخفى نعم عند التمكن من الترك في ظرف الوجود لا يقتضي العقل إعدامه لحصول غرضه من تركه بغير ذلك