في موضوع الدليل وبعد ما فرض اعتبار عناوين متعددة على وجه يتشكل بأشكال مختلفة من صور القضايا من وجود واحد فليس مدار جريان الاستصحاب على ملاحظة وحدة المنشأ خارجا بل هو تابع نحو اعتبار المنتزع عنه المأخوذ في لسان الدليل فمع أخذ عنوان خاص في لسانه ينحصر مجرى الاستصحاب به ولا يجري في عنوان آخر مباين له بمحض اتحاد منشئهما خارجا وهذا المقدار من أوليات باب الأصول كما لا يخفى على المتدرب.
وبعد ما اتضح ما تلوناه عليك ظهر فساد ما توهم من الأساس في إبطال مثل هذا استصحاب بما ملخصه بعد تطويله بتمهيد مقدمات:
(منها) كفاية ترتب الأثر على أحد النقيضين في استصحاب الطرفين.
(ومنها) أن النهي عن فعل متخصص بخصوصية تارة لمحض بيان مانعية الخصوصية للأمر الثابت في الطبيعة الشاملة له ولغيره ومنه يستكشف تقيد متعلق أمرها بعدم تخصص الطبيعة بتلك الخصوصية وأخرى لبيان حرمة مستقلة ملازمة لعدم سراية الأمر بالطبيعة إلى هذا المتخصص بنحو يدل بالملازمة العقلية على تقييد المأمور به بعدم هذا التخصص وأنه يكفي في نفي هذا الحكم استصحاب عدم وجود المخصص ولا يكفي ذلك لإثبات موضوع الأمر إلا بالملازمة العقلية التي لا نقول به.
(ومنها) أن المركب من أمور متعددة تارة مركب من أمور متباينة غير مربوطة بنفسها بالآخر إلا بحسب الزمان ومرجعه إلى الأمر بوجود كل في ظرف وجود الآخر وأخرى من باب تقييد الذات بوصفه.
ثم هذا الوصف تارة يلاحظ بما هو شيء في حيال ذاته وأخرى