فليس هنا شئ يوجب بنفسه الظن بالمراد حتى لو فرضنا الفحص، فاحتمال وجود القرينة حين الخطاب واختفائه علينا، ليس هنا ما يوجب مرجوحيته حتى لو تفحصنا عنها ولم نجدها، إذ لا يحكم العادة - ولو ظنا - بأنها لو كانت لظفرنا بها، إذ كثير (1) من الأمور قد اختفت علينا، بل لا يبعد دعوى العلم بأن ما اختفى علينا من الأخبار والقرائن أكثر مما ظفرنا بها.
مع أنا لو سلمنا حصول الظن بانتفاء القرائن المتصلة، لكن القرائن الحالية وما اعتمد عليه المتكلم من الأمور العقلية أو النقلية الكلية أو الجزئية المعلومة عند المخاطب الصارفة لظاهر الكلام، ليست مما يحصل الظن بانتفائها بعد البحث والفحص.
ولو فرض حصول الظن من الخارج بإرادة الظاهر من الكلام لم يكن ذلك ظنا مستندا إلى الكلام، كما نبهنا عليه في أول المبحث (2).
وبالجملة: فظواهر الألفاظ حجة - بمعنى عدم الاعتناء باحتمال إرادة خلافها - إذا كان منشأ ذلك الاحتمال غفلة المتكلم في كيفية الإفادة أو المخاطب في كيفية الاستفادة، لأن احتمال الغفلة مما هو مرجوح في نفسه ومتفق على عدم الاعتناء به في جميع الأمور، دون ما إذا (3) كان الاحتمال مسببا عن اختفاء أمور لم تجر العادة القطعية أو الظنية بأنها لو كانت لوصلت إلينا.