ما دل من إجماع العلماء وأهل اللسان على حجية الظاهر بالنسبة إلى من قصد إفهامه جار في من لم يقصد، لأن أهل اللسان إذا نظروا إلى كلام صادر من متكلم إلى مخاطب، يحكمون بإرادة ظاهره منه إذا لم يجدوا قرينة صارفة بعد الفحص في مظان وجودها، ولا يفرقون في استخراج مرادات المتكلمين بين كونهم مقصودين بالخطاب وعدمه، فإذا وقع المكتوب الموجه من شخص إلى شخص بيد ثالث، فلا يتأمل في استخراج مرادات المتكلم من الخطاب الموجه (1) إلى المكتوب إليه، فإذا فرضنا اشتراك هذا الثالث مع المكتوب إليه فيما أراد المولى منه (2)، فلا يجوز له الاعتذار في ترك الامتثال بعدم الاطلاع على مراد المولى، وهذا واضح لمن راجع الأمثلة العرفية.
هذا حال أهل اللسان في الكلمات الواردة إليهم، وأما العلماء فلا خلاف بينهم في الرجوع إلى أصالة الحقيقة في الألفاظ المجردة عن القرائن الموجهة من متكلم إلى مخاطب، سواء كان ذلك في الأحكام الجزئية، كالوصايا الصادرة عن الموصي المعين إلى شخص معين، ثم مست الحاجة إلى العمل بها مع فقد الموصى إليه، فإن العلماء لا يتأملون في الإفتاء بوجوب العمل بظاهر ذلك الكلام الموجه إلى الموصى إليه المفقود (3). وكذا في الأقارير.
أم كان في الأحكام الكلية، كالأخبار الصادرة عن الأئمة (عليهم السلام)