إفهامه، فيجب عليه إلقاء الكلام على وجه لا يقع معه الملقى إليه في خلاف المراد (1)، بحيث لو فرض وقوعه في خلاف المقصود كان إما لغفلة منه في الالتفات إلى ما اكتنف به الكلام الملقى إليه (2)، وإما لغفلة من المتكلم في إلقاء الكلام على وجه يفي بالمراد، ومعلوم أن احتمال الغفلة من المتكلم أو (3) السامع احتمال مرجوح في نفسه، مع انعقاد الإجماع من العقلاء والعلماء على عدم الاعتناء باحتمال الغفلة في جميع أمور العقلاء، أقوالهم وأفعالهم.
وأما إذا لم يكن الشخص مقصودا بالإفهام، فوقوعه في خلاف المقصود لا ينحصر سببه في الغفلة، فإنا إذا لم نجد في آية أو رواية ما يكون صارفا عن ظاهرها، واحتملنا أن يكون المخاطب قد فهم المراد بقرينة قد اختفت (4) علينا، فلا يكون هذا الاحتمال لأجل غفلة من المتكلم أو منا، إذ لا يجب على المتكلم إلا نصب القرينة لمن يقصد إفهامه.
مع أن عدم تحقق الغفلة من المتكلم في محل الكلام مفروض، لكونه معصوما، وليس اختفاء القرينة علينا مسببا عن غفلتنا عنها، بل لدواعي الاختفاء الخارجة عن مدخلية المتكلم ومن القي إليه الكلام.