مع كون المقصود منها تفهيم مخاطبيهم (1) لا غير، فإنه لم (2) يتأمل أحد من العلماء في استفادة الأحكام من ظواهرها معتذرا بعدم الدليل على حجية أصالة عدم القرينة بالنسبة إلى غير المخاطب ومن قصد إفهامه.
ودعوى: كون ذلك منهم للبناء على كون الأخبار الصادرة عنهم (عليهم السلام) من قبيل تأليف المصنفين، واضحة الفساد.
مع أنها لو صحت لجرت في الكتاب العزيز، فإنه أولى بأن يكون من هذا القبيل، فترتفع ثمرة التفصيل المذكور، لأن المفصل معترف (3) بأن ظاهر الكلام الذي هو من قبيل تأليف المؤلفين حجة بالخصوص، لا لدخوله في مطلق الظن، وإنما كلامه في اعتبار ظهور الكلام الموجه إلى مخاطب خاص بالنسبة إلى غيره.
والحاصل: أن القطع حاصل لكل متتبع في طريقة فقهاء المسلمين، بأنهم يعملون بظواهر الأخبار من دون ابتناء ذلك على حجية الظن المطلق الثابتة بدليل الانسداد، بل يعمل بها من يدعي الانفتاح وينكر العمل بأخبار الآحاد، مدعيا كون معظم الفقه معلوما بالإجماع والأخبار المتواترة.
ويدل على ذلك أيضا: سيرة أصحاب الأئمة (عليهم السلام)، فإنهم كانوا يعملون بظواهر الأخبار الواردة إليهم من الأئمة الماضين (عليهم السلام) (4)،